دليل المصطلحات العلمية

من خلال صفحات مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف سوف نبدأ في تقديم سلسلة من التعريفات الإجرائية العلمية باسم : ” صحافة الذكاء الاصطناعي دليل المصطلحات العلمية”، نحاول من خلاله تقديم كافة المصطلحات المستحدثة في مجال الإعلام والذكاء الاصطناعي، سواء تلك التي قدمها الدكتور محمد عبد الظاهر، رائد صحافة الذكاء الاصطناعي، أو التعريفات الجديدة في نفس المجال، علاوة على تقديم الأدوات الأكثر استخدامًا، والتقنيات الجديدة؛ حتى نُسهل على الباحثين والدارسين التعرف على تلك المصطلحات؛ ولتكون مرجعًا رئيسيًا في كافة الدراسات الخاصة بالإعلام والذكاء الاصطناعي.

مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي

لعل أبرز التأثيرات التي خلقتها الثورة الصناعية الرابعة على صناعة الإعلام هي ظهور ما يُطلق عليه ب ” صحافة الذكاء الاصطناعي”  المفهوم الجديد الذي صاغه الأكاديمي الدكتور محمد عبد الظاهر في كتابه” صحافة الذكاء الاصطناعي، الثورة الصناعية الرابعة وإعادة هيكلة وسائل الإعلام” وتحدث عن حقبة من صناعة الإعلام ما كانت تظهر لولا بروز تقنيات جديدة خلقتها الثورة الصناعية الرابعة من شأنها أن تحدث ثورة في صناعة المحتوى  ونشره.

صحافة الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence Journalism)   كما يقول محمد عبد الظاهر : ” هي مفهوم جديد يُشير إلى آلية صناعة المحتوى الإعلامي بكافة أشكاله وقنواته، عن طريق الاعتماد على تقنيات وأدوات الثورة الصناعية الرابعة في ” الإذاعة والتليفزيون، الصحافة التقليدية، وسائل التواصل، تطبيقات الهواتف الذكية، صناعة المحتوى الزائف، ومحاربة المحتوى الزائف، وغيرها من الأشكال الإعلامية الجديدة” .فأي نوع من المحتوى يعتمد على أي تقنية من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة هو في حد ذاته ” صحافة الذكاء الاصطناعي . سواء كان : عبر الإذاعة أو التلفاز، عبر الصحف التقليدية، الصحف الرقمية، التطبيقات الهاتفية، وسائل التواصل الاجتماعي، الإعلانات ، الدعاية، التسويق، طرق الوصول للمستهلك، أو حتى من خلال إنتاج المحتوى الزائف أو محاربة هذا المحتوى، فكل تلك الأدوات تُعد أشكال من صحافة الذكاء الاصطناعي تتوافق تبعا للوسيلة التي تنقلها للجمهور المستهدف.

 وتشير أيضا إلى الطريقة التي تتبنى فيها صناعة الإعلام التقنيات التي تم إنشاؤها خلال الثورة الصناعية الرابعة (Fourth Industrial Revolution). تشمل هذه التقنيات الجديدة تحليل البيانات الضخمة ، والروبوتات ، والأتمتة ، والطباعة ثلاثية الأبعاد (لإنشاء استوديوهات تلفزيونية رخيصة ، على سبيل المثال) ، و البلوك تشين ، وإنترنت الأشياء (IoT) ، وإنترنت الأجسام، وكلها يمكن أن تساعد المؤسسات الإعلامية في الوصول إلى الجمهور المستهدف بسرعة أكبر. وتحسين بث الأخبار بشكل كبير.[1]

أذن، وفقا لعبد الظاهر يتمثل دور صحافة الذكاء الاصطناعي في أربعة محاور رئيسية وهي:

  • خلق الأدوات.
  • صياغة المحتوى.
  • وتنوع الجمهور.
  • استمرار ردود الأفعال.

فبالنظر إلى الأدوات الجديدة في صحافة الذكاء الاصطناعي، سوف يعتمد الإعلام كليًا على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، أكثر من 15 تقنية جديدة تُفرزها تلك الثورة، سوف تُشكل صحافة الذكاء الاصطناعي، فمن الخطأ ربط صحافة الذكاء الاصطناعي بتقنية واحدة “مثل صحافة الروبوت” الأمر يختلف كُليًا، فما نراه اليوم من اعتماد بعض وسائل الإعلام على “روبوت” في صالات التحرير أو المؤسسات الإعلامية، لا يمثل إلا أقل من 5% من صحافة الذكاء الاصطناعي، هناك صحافة البيانات المفتوحة، وصحافة البيانات الضخمة، وصحافة البلوك تشين، وصحافة الحوسبة السحابية، وغيرها من الأدوات التي تُشكل حقبة صحافة الذكاء الاصطناعي.[2]

خمس سمات تُميز حقبة صحافة الذكاء الاصطناعي


يمكن تحديد خمس سمات رئيسية تُميز ملامح حقبة صحافة الذكاء الاصطناعي وهي كما يلي:

أولًا:  السرعة المتناهية في صناعة الإعلام، وتطور أدواته والحلول الجديدة المستخدمة مقارنة بما سبق.

ثانيًا: ظهور تقنيات جديدة تلعب أدوارا متعددة في صناعة وإدارة المحتوى. مثل ” تقنيات صناعة المحتوى آليًا، تحليل البيانات الضخمة،  البلوك تشين نيوز، الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط.


ثالثًا: اندماج عناصر العملية الاتصالية” المرسل، المستقبل، الرسالة، الوسيلة، ورجع الصدى”. وقيام كل عنصر منها بأدوار تفاعلية متداخلة.

رابعًا: ضعف سيطرة حارس البوابة والدولة، حيث التدفق الكبير للمحتوى الإعلامي عبر العديد من القنوات الرقمية والذكية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

خامسًا: تلاشي الشكل المؤسسي لوسائل الإعلام، وضعف الشكل التقليدي للمؤسسات عابرة القارات، حيث تظهر مؤسسات جديدة قادرة على إنتاج المحتوى الإعلامي المتخصص، دون أن تأخذ الشكل التقليدي القديم لوسائل الإعلام، مثال على ذلك شركة ”  Netflix” الرائدة في إنتاج المحتوى، والفيديوهات حسب الطلب.

هناك 10 آثار  سوف تتركها صحافة الذكاء الاصطناعي على العالم، وسوف تساهم في إحداث تغيرات كبيرة في هيكلة الإعلام وهي:[3]

1- التقدم في صناعة الروبوت وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة: حيث يدخل الروبوت في كل مراحل صناعة صحافة الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن تصل أعداد تلك الآلات في هيكلة الإعلام إلى أكثر من 50 مليون “روبوت” مُتحرك حتى 2030، علاوة على وجود ضعف هذا العدد من “الروبوت” الثابت الذي يحل محل أجهزة الحاسب الحالية، ويتحكم في شبكات الإنترنت الخارجية والداخلية للعديد من المؤسسات الإعلامية، والأقمار الصناعية، الاتصالات الحكومية، قواعد البيانات الضخمة، والمفتوحة.

2- تسريع التواصل بين الإنسان والأدوات التكنولوجية المحيطة، على عكس ما يُشاع الآن: أن هناك تنافسًا قويًا بين الإنسان والآلات كنتاج للثورة الصناعية الرابعة، بل سوف تزيد الثورة الصناعية الرابعة وصحافة الذكاء الاصطناعي من التناغم والتكامل بين الإنسان والآلات المحيطة به، حيث تدفع تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة العالم إلى تحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

3- خلق وعي وتعاون دولي بأهمية وخطورة الإعلام في إحداث تغيرات ضخمة، حيث يخرج الإعلام من كونه أداة في يد مؤسسات أو منظمات، أو حكومات معينة إلى وجود أشخاص أو كيانات فردية تستطيع الوصول لأدق المعلومات وتساهم في زعزعة استقرار بعض الدول أو المؤسسات الضخمة، مما ينذر بخطورة الإعلام في حقبة صحافة الذكاء الاصطناعي، ويدفع لمزيد من التنسيق والتعاون الدولي لكبح جماح تلك الأدوات ومن يمتلكها. 

4- تعزيز قوة الإعلام في الوصول للجمهور المحلي وحشد آراءه، حيث تزاحم الفضاء بآلاف من الأقمار الصناعية التي يسيطر عليها الأشخاص والمؤسسات الصغيرة قبل الحكومات، وهو ما يعزز بقوة صحافة الذكاء الاصطناعي في الوصول للجمهور المحلي في أصغر المدن والقرى وبث المحتوى عبر شاشات متناهية الصغر، متاحة للجميع بأقل الأسعار. 

5- التنافس الشديد بين الحكومات والشركات الخاصة والفردية في صناعة الإعلام، قوة الأفراد في امتلاك أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي، سوف تخلق منافسة شرسة وضخمة بينهم وبين الحكومات والشركات الخاصة، منافسة لا تعتمد على الإمكانات المادية بقدر اعتمادها على امتلاك الجمهور والأدوات التكنولوجية.

6- غياب مصطلح الإعلام الدولي كليًا، في صحافة الذكاء الاصطناعي لا يوجد إعلام دولي، فالعالم كله في شاشة متناهية الصغر.

7- غياب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وظهور مصطلح جديد ” وسائل تواصل الذكاء الاصطناعي” “AI Social Media ”، في صحافة الذكاء الاصطناعي سوف تختفي وسائل التواصل الاجتماعي وتظهر وسائل تواصل الذكاء الاصطناعي، وسائل جديدة تعتمد على تطور وديناميكية الذكاء الاصطناعي في التواصل بصورة “أسرع وأكثر وصولًا للجمهور”.

8-  ظهور شركات إعلامية عملاقة تفوق جوجل ومايكروسوفت  وأمازون في حجم رؤوس الأموال تعتمد فقط على تصدير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في صناعة الإعلام.

9- ظهور تقنيات جديدة في صحافة الذكاء الاصطناعي تُخصص فقط لإنتاج وقياس وصناعة ردود الأفعال والتفاعل المستمر بين الإنسان والآلة.

10- ظهور الإعلام الإنساني الذي يساهم في معالجة قضايا الإنسانية كشريك فعال ومعتمد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.

للمزيد حول مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي أو الأدوات والتقنيات التي تعتمد عليها تلك الحقبة..برجاء مراجعة
المؤلفات التالية للدكتور محمد عبد الظاهر “باللغيتن العربية والإنلجيزية”:
  1. صحافة الذكاء الاصطناعي، الثورة الصناعية الرابعة وإعادة هيكلة وسائل الإعلام (مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي ( الإمارات)،  ودار بدائل (مصر)  2019).
  2.    نموذج عبد الظاهر للاتصال في صحافة الذكاء الاصطناعي. (مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي 2020).
  3. عالم ما بعد كورونا: تقنيات وحلول تكنولوجية تقود مستقبل العالم، دراسة استكشافية استشرافية،  مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي ( 2020).
  4. العولمة 4.0 ومستقبل الإعلام في حقبة صحافة الجيل السابع، نموذج العلاقات العامة التفاعلية الأكثر ذكاءً ((مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي ( الإمارات)،  ودار بدائل (مصر) 2021 ).


المصادر

-[1]- محمد عبد الظاهر، صحافة الذكاء الاصطناعي، الثورة الصناعية الرابعة وإعادة هيكلة وسائل الإعلام، دار بدائل للنشر، القاهرة، مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف، الإمارات العربية المتحدة، 2019، صفحة 15.. 

[2] – محمد عبد الظاهر، صحافة الذكاء الاصطناعي، مرجع سابق، صفحة  68.

[3] محمد عبد الظاهر، صحافة الذكاء الاصطناعي، مرجع سابق، صفحة  77.