بقلم: د. محمد عبد الظاهر
تُعاني العديد من الدول من الهجمات السيبرانية المتكررة على أنظمتها الحكومية، ومؤسساتها، والتي تُكبد الحكومات مليارات الدولارات سنويًا، إما في وضع أنظمة حماية قوية من ناحية، أو إصلاح ما أفسدته تلك الهجمات من ناحية أخري، وهناك العديد من الخسائر التي يصعب إصلاحها مثل تسرب المعلومات أو البيانات أو عمليات تحويل الأموال، والسرقات البنكية العالمية.
وأيضًا يتزايد الخطر بصورة أكبر على وسائل الإعلام العالمية، وخاصة الرسمية التي تعبر عن دول أو تتحدث باسم الحكومات، مثل وكالات الأنباء الحكومية فأي اختراق لتلك الوسائل هو اختراق لسيادة الدولة، وقد يتسبب في حدوث المزيد من الخلافات أو الصراعات السياسية بين الدول.
وأيضا اختراق وكالات الأنباء العالمية مثل رويترز أو بي بي سي أو واشنطن بوست على سبيل المثال: قد يتسبب في خسائر فادحة في أسواق المال، أو شن حروب بين الدول.
فلو تم اختراق موقع رويترز –على سبيل المثال- ” أسواق المال” وبث خبر عن تراجع سهم “آبل ” عالميًا بنسبة 50% فستحدث خلال ثوان معدودات أو بضع دقائق كارثة عالمية في سعر عملاق التكنولوجيا وخسائر بالمليارات.
تتزايد حدة المخاطر التي تواجه وسائل الإعلام، في ظل نمو تلك الوسائل، اعتمادا على أدوات الثورة الصناعية الرابعة، وزيادة أعداد الأدوات والمؤسسات التي تعتمد على الإنترنت فائق السرعة، والذي سوف يتوافر بأسعار هزيلة للغاية وقد يكون مجانا في العديد من الدول.
قيمة الإنفاق على الأمن السيبراني
لقد بلغت قيمة المعاملات في سوق الأمن السيبراني العالمي 118.78 مليار دولار أمريكي في عام 2018 ، ومن المتوقع أن تصل إلى 267.73 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024 ، مسجلة بذلك معدل نمو سنوي مركب قدره 14.5 ٪ ، خلال الفترة 2019-2024 كما يتزايد الاتجاه نحو إنترنت الأشياء ، تقنية إحضر جهازك الخاص، الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي في مجال الأمن السيبراني.
فالتعلم الآلي يوفر، على سبيل المثال، مزايا الكشف عن بُعد، مما يعود بالفائدة على الأمن السيبراني. حيث يمكن للآلات معالجة مليارات الأحداث الأمنية في يوم واحد، مما يوفر الوضوح حول نشاط أي نظام ويبلغ عن أي شيء غير عادي للمراجعة البشرية، وفقًا لسوق الأمن الإلكتروني – النمو والاتجاهات والتوقعات (2019-2024) (Mordor Intelligence, October 2019).
- اقرأ ايضا: علماء يطورون تكنولوجيا طباعة مكونات القلب
أتوقع أن تبلغ قيمة المعاملات في سوق الأمن السيبراني العالمي حوالي 500 مليار دولار بحلول عام 2030، أمّا بالنسبة لما نشاهده من ملايين الجرائم الإلكترونية، فالأمر لا يتعلق فقط بالأسلحة الأكثر تطوراً فحسب، بل يتعلق بالعدد المتزايد من الأهداف البشرية والرقمية، وعلى سبيل المثال:
في عام 2025 ، يمكن أن تصل القيمة الإجمالية في العالم لاستخدامات تكنولوجيا إنترنت الأشياء إلى 6.2 تريليون دولار أمريكي، ومعظم هذه القيمة سيكون في أجهزة الرعاية الصحية (2.5 تريليون دولار أمريكي) والتصنيع (2.3 تريليون دولار أمريكي)، وفقا لشركة إنتل.
سيزيد الاعتماد على وسيلة اتصال الآلة بالآلة وإنترنت الأشياء في الأمن السيبراني في الشركات، مما سيدفع بالسوق لأعلى، لأن نماذج الأعمال الناشئة والتطبيقات ستقترن بتخفيض تكاليف الأجهزة، مما يفيد في زيادة الاعتماد على إنترنت الأشياء و الذكاء الاصطناعي ، وبالتالي عدد الأجهزة المتصلة، مثل السيارات المتصلة والآلات وأجهزة القياس والأجهزة القابلة للارتداء، والالكترونيات الاستهلاكية.
ومن ناحية أخرى، هناك العديد من المشاريع والمبادرات الأخرى الخاصة بالمدن الذكية تجري الآن، فمن المتوقع في عام 2025 أن يكون هناك حوالي 30 مدينة ذكية عالمية، 50٪ منها ستكون موجودة في أمريكا الشمالية وأوروبا، الأمر الذي يتطلب الأمن السيبراني العالي للوقاية (Mordor Intelligence, October 2019) الأمر الذي يُعظم من دور صحافة الذكاء الاصطناعي في التصدي بقوة لتهديدات الأمن السيبراني الموجهة ضد وسائل الإعلام وذلك من خلال عدة مراحل:
المرحلة الأولى: قبل عمليات الهجوم على الأمن السيبراني:
توفر صحافة الذكاء الاصطناعي تحليلات يومية على مدار الساعة للبيانات الضخمة لكافة الاتجاهات العالمية الخاصة بالتهديدات السيبرانية وطرق الحماية منها، وتوفر قاعدة بيانات ضخمة لتطور تلك التهديدات خلال سنوات، وكيف يمكن أن تتشكل عالميًا، مما يساهم في توفير سبل الحماية الجيدة ضد تلك التهديدات معتمدة على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، وفي رصد مثل تلك التهديدات أولًا بأول قبل وصولها لمنصات وسائل الإعلام أو محاولة اختراقها.
المرحلة الثانية: خلال الهجوم على الأمن السيبراني
توفر أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي سبل حماية أكثر أمنًا حيث تتاح كافة الاخبار في سلسة من البوكشين نيوز، وتعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في صد الهجوم السيبراني، مع توافر معلومات أرشيفية كاملة حول أشكال التهديدات المختلفة، ومدى خطورتها وطرق الحماية منها، علاوة على تمكن تلك الأدوات من نسخ كافة البيانات وإرسال “خوادم احتياطية” بعيدة عن الخوادم المستهدفة، بصورة آلية وأكثر سرعة.
المرحلة الثالثة: في حال نجاح اختراق المؤسسات الإعلامية
من الوارد تطور تقنيات الهجوم السيبراني تزامنًا مع تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي، أو طرق الحماية العالمية للمعلومات في مختلف المؤسسات، إلّا إن أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي تتميز بقدرتها على خلق مئات من النسخ الاحتياطية أولًا بأول من الأخبار والمعلومات الصحيحة، حماية لها في حال سرقتها أو تزيفها.