دبي- مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي
كتب/ دكتور . محمد عبد الظاهر
أكاديمي ورائد صحافة الذكاء الاصطناعي
أزمة كوفيد-19 هل أثرت في زيادة معدلات الجرائم السيبرانية؟.
بسبب ما يواجه العالم من جائحة كورونا منذ نهاية العام الماضي، تحول ملايين البشر إلى الاعتماد على الانترنت وتقنيات الذكاء الاصطناعي والحياة الافتراضية وذلك في تلبية كافة
الاحتياجات اليومية من : العمل، الدراسة، التسوق، ممارسة الرياضة، حتى الزيارات العائلية، والمناسبات الاجتماعية، فتحول الهاتف الذكي إلى منزل متنقل، وتحولت شاشات الحواسب إلى مؤسسات تعليمية أو مهنية مختلفة، الأمر الذي زاد من معدلات الخطورة على أمن المعلومات والبيانات الشخصية سواء للأفراد أو المؤسسات والحكومات. ودفع إلى أهمية وجود استراتيجية وخطط حكومية لدراسة مخاطر الأمن السيبراني على المجتمع.
حيث بات اعتماد الناس بشكل كبير على الإنترنت وتقنيات التكنولوجيا الرقمية دلالة واضحة على زيادة المخاطر الأمنية على ملايين الأشخاص، والذين لا يمتلكون أبسط بروتوكولات الأمان لاستخدامهم اليومي للإنترنت، سواء كان ذلك من خلال المنصات الحكومية أو الشركات الخاصة، أو حتى فيما يخص استخدام البريد الإلكتروني الشخصي.
العمل عن بُعد
هذا وقد ارتفعت معدلات العمل والدراسة عن بُعد بشكل كبير على مدار الأشهر الخمسة الماضية، مما يعني زيادة في عدد الأجهزة الشخصية والرسمية اليومية المتصلة بالإنترنت على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع؛ ومع تغير أنماط العمل، تتغير أنماط المخاطر أيضًا، حيث يمكننا أن نلاحظ أن العمل عن بُعد يزيد من مخاطر الأمن السيبراني أيضًا.
ونتيجة لذلك، ساعد العمل من المنزل على زيادة نطاق الهجوم.
فضلًا عن تعدد ناقلات الهجوم الإلكتروني بوتيرة مطردة. نظرًا لاعتماد الناس في جميع أنحاء العالم بشكل كبير على أجهزتهم الشخصية وشبكاتهم المنزلية العادية.
على سبيل المثال، ارتفعت نسبة اختراق رسائل البريد الإلكتروني المصممة لإغراء المستخدمين لتنزيل برامج ضارة أو الكشف عن معلومات حساسة بنسبة بلغت 700 بالمائة خلال الشهرين الماضيين. في أبريل الماضي، أعلنت شركة ” Proofpoint ” أنها رصدت ما يزيد عن 500,000 رسالة، و 300,000 عنوان موقع URL ضار، وكذلك 200,000 مرفق ضار بموضوعات متعلقة بفيروس كورونا المستجد عبر أكثر من 140 حملة، مع استمرار زيادة الأعداد؛ وقد أفادت شركة بروفبوينت بأنه كان هناك “عدد كبير من محاولات التصيد الاحتيالي لسرقة كلمات المرور وبيانات تسجيل الدخول خلال هذه الهجمات.
الجرائم السيبرانية
لقد واجهت أدوات ووسائل العمل عن بُعد العديد من التحديات الأمنية على سبيل المثال، واجه تطبيق زوم (Zoom)، وهو تطبيق عملاق مشهور مخصص لعقد الاجتماعات عبر الفيديو، خرقًا أمنيًا كبيرًا حيث قفز عدد المستخدمين من 10 مليون إلى 300 مليون، بزيادة بلغت ثلاثين ضعفًا خلال أربعة أشهر؛ ويعترف المسؤولون التنفيذيون في الشركة بأنهم لم يكونوا بالفعل مستعدين لمثل هذا الحجم من المستخدمين.
ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، فقد ارتفعت التكلفة السنوية للجرائم الإلكترونية للمنظمات في السنوات الأخيرة؛ وقد يساهم تطوير استخدام الأتمتة والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في أن توفر الشركات ملايين الدولارات.
ومع أن العديد من الشركات تدرك حجم المردود والفوائد الكبيرة التي يحققها استخدام الذكاء الأمني، إلا أن 38 بالمائة فقط من الشركات قد اعتمدت مثل هذه الحلول.
وفقًا لتقرير نشرته شركة ماكينزي وشركاه حول تكتيكات الأمن السيبراني فيما يخص جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث أظهرت هذه الجائحة لكبار مسئولي أمن المعلومات وفرق عملهم أثنين من الأولويات العاجلة.
أحدهما هو تأمين إجراءات العمل من المنزل على نطاق غير مسبوق في الوقت الحالي، بعد أن طلبت المؤسسات من الموظفين التوقف عن التنقل والتجمع، وأبلغ المسؤولون الحكوميون في العديد من المواقع أو أمروا موظفيهم بالبقاء في منازلهم قدر الإمكان.
والثاني هو الحفاظ على سرية وسلامة وتوافر حركة مرور الشبكة للمستهلك في ظل ارتفاع عدد المستخدمين، وذلك نتيجة للوقت الإضافي الذي يقضيه الأشخاص في المنزل.
تقنيات التواصل عن بُعد
أظهر استطلاع جديد أجراه مركز بيو للأبحاث في أوائل أبريل أن ما يقرب من نصف البالغين في الولايات المتحدة (53٪) يقولون إن الإنترنت قد أصبح من الأدوات الضرورية لهم خلال فترة انتشار الوباء، في حين وصفه 34٪ آخرون بأنه “مهم ولكنه ليس ضروريًا بالنسبة لهم”.
هناك أدلة تشير إلى أن بعض الأشخاص يستخدمون الإنترنت بشكل أكبر في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد وأن هناك أنواع جديدة من الأنشطة عبر الإنترنت تحقق الشهرة والانتشار.
ويبحث الاستطلاع الذي أجري في أوائل أبريل كيف يمكن أن يؤثر ذلك على وجهات نظر الأشخاص بشكل عام حول دور الإنترنت في حياتهم وفي المجتمع على نطاق أوسع.
.
هذا ويمكَّن الاعتماد الواسع النطاق على تقنيات الوصول عن بُعد لتمكين ممارسات العمل من المنزل، مع الاعتماد بشكل أكبر على الخدمات السحابية، الشركات من مواصلة أنشطتها وخفض التكاليف في ظروف التباعد الاجتماعي وتوجيهات “البقاء في المنزل” التي تصدرها الحكومة و/أو صاحب العمل. ووفقًا لدراسة المنتدى الاقتصادي العالمي، فإنها تعمل أيضًا على إعادة تشكيل المشهد والبنية الرقمية في حين أنها تجهد مرونة سلسلة التوريد وعمليات الأمن السيبراني مع تزايد وتصاعد المخاطر.
وفقا لتقرير الجرائم السيبرانية السنوي الرسمي لعام 2020 والصادر من مؤسسة ” Cybersecurity Ventures ” توقع التقرير أن الجرائم الإلكترونية ستكلف العالم ما يزيد عن 6 تريليون دولار سنويًا بحلول عام 2021 ، ارتفاعًا من 3 تريليون دولار في عام 2015.
وبالنسبة للمؤسسات والحكومات ، فإن التكاليف المرتبطة بالجرائم الإلكترونية باهظة. تشمل: إتلاف البيانات وتدميرها ، وسرقة الأموال ، وفقدان الإنتاجية .
وكذلك سرقة الملكية الفكرية ، وسرقة البيانات الشخصية والمالية ، والضرر بالسمعة .
إضافة إلى المزيد من الأضرار التي تؤثر سلبا على الحكومات.
وبعد أزمة كوفيد-19 وارتفاع معدل الجرائم السيبرانية خلال الثلاثة أشهر من بداية العام لأكثر من 700 % اتوقع أن تزيد تكلفة تلك الهجمات لأكثر من 10 تريليون دولار خلال العام الجاري 2020 .
صحافة الذكاء الاصطناعي
كجزء من تحديات صحافة الذكاء الاصطناعي، قد تواجه وسائل الإعلام خروقات أمنية هائلة، وستكون التهديدات أكبر بالنسبة لوسائل الإعلام العالمية وخاصة وسائل الإعلام الرسمية والحكومية، مثل المحطات الإخبارية الحكومية.
حيث يعد أي خرق لأمن البيانات لهذه الوسائط خرقًا لسيادة تلك الدول، وقد يتسبب في المزيد من النزاعات السياسية أو الصراعات بين الدول. تتزايد المخاطر التي تواجه وسائل الإعلام، في ظل نموها الهائل، مع مواكبة الثورة الصناعية الرابعة وزيادة عدد الأدوات والمؤسسات التي تعتمد على الإنترنت عالي السرعة والتي ستكون متاحة بسعر ضئيل للغاية وقد تكون مجانية أيضًا في العديد من البلدان، وفقا لدراسةٍ سابقة لمؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف.
اقتضت جائحة فيروس كورونا ضرورة أن تقوم الحكومات والمنظمات متعددة الجنسيات بتطوير وإنشاء أدوات استراتيجية مهمة لإدارة مخاطر المعلومات.
علاوة على العمل من أجل ترسيخ ثقافة الملكية المشتركة من حيث المخاطر السيبرانية عبر المنظمات واتخاذ نهج استراتيجي نحو تحقيق المرونة السيبران.