الذكاء الإصطناعي يصنع التضليل ويحاربه: أدوات وتطبيقات ذكية لكشف المحتوى الزائف على الإنترنت

مصدر الصورة: getty

دبي| مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي

من المؤكد أنك سمعت خلال هذه السنة، خبرًا يدعوك لمقاطعة اللقاح بعد إجراء علماء وأطباء لأبحاث بيّنت أنه يغير الجين الوراثي للشخص، أو قد تكون قرأت خبر اعتقال رئيس شركة فايزر بتهمة الاحتيال وتزوير بيانات الآثار الجانبية الخطيرة للقاح، أو شاهدت فيديو لإعصار شاهين على شواطئ عمان صُوّر من أعلى برج خليفة، أو مشاهد شبابٍ أهدوا والدهم جولة في الجو بربطه ببالونات الهيليوم وخرج عن السيطرة.

 في الواقع، كل تلك الأمثلة كانت أخبارًا زائفة ومحض إشاعات، لكنها انتشرت في العالم كالنار في الهشيم، وتداولها الناس على مواقع التواصل الاجتماعي وفيما بينهم مصدقين محتواها. حتى أن الكثير من وسائل الاعلام وقعت في فخّ هذه الأخبار ونشرتها وأعدت التقارير عنها دون التحقق من صحتها. 

صحيح أن الجمهور لا يشيع الأخبار الكاذبة عن سوء نية، بل من فرط قلقه. لكن في أوقات معينة يكون إطلاق الأخبار المزيفة جزءً من حملة تضليل واسعة و ممنهجة، لها أسبابها المدروسة، وأهدافها في إثارة الهلع في نفوس متلقيها، أو في تشويه الحقائق أو طمس المعلومات وإشغال الجمهور بأخبار تافهة لحجب قضايا أكبر وأكثر أهمية.

من هذا المنطلق، تأتي أهمية التحقق من صحة الأخبار كأساس للعمل الصحفي، إذ أدت الأخبار الكاذبة بالفعل إلى تأجيج نيران عدم الثقة تجاه وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم. وبات عمل الصحفي أكثر صعوبة في السيطرة على الإشاعات وضحدها بعد انتشارها ( مفهوم الديبانكرز debunkers ). لذلك بدأنا اليوم نسمع بمفهوم جديد يطلق عليه اسم (البريبانكرز /prebunkers  )  وهو يعني التنبؤ بأن شائعة ما ستحصل بهذا الموضوع والقيام باسقاطها مسبقًا في مهدها.

وكي يقلل الإنسان من الأخبار الكاذبة، ابتكر أدوات وبرامج مساعدة، متطورة تكنولوجيا، وقائمة على خوارزميات دقيقة وذكية، تساعد الصحفي أو الإنسان العادي على معرفة أصل الخبر أو صحة الفيديو أو مدى تزوير الصورة وغيرها. كثير من هذه التقنيات الجديدة قائمة على ميزة الذكاء الاصطناعي وتستخدم في مكافحة المعلومات المضللة، لكن على الرغم من فائدتها العظيمة إلا أنها قد تزيد الأمور سوءً، حينما تستخدم لإنتاج الأخبار الكاذبة.

عن ماذا  نتحقق عبر منصات التواصل الاجتماعي؟  ولماذا؟

في أيامنا هذه، أصبحت التكنولوجيا المتطورة متوافرة بيد الجميع، وخاصة الهواتف الذكية التي لا يقتصر عملها على التواصل فحسب، بل أصبحت أداة لإلتقاط الصور والفيديوهات، وتعديلها، وقصها، وإضافة المؤثرات عليها.أي بمعنى أوضح أصبحت فبركة الأخبار اليوم أكثر سهولة من حيث الإنتاج وسرعة الانتشار. فمواقع التواصل الاجتماعي أتاحت منصات جديدة للنشر، مكّنت أيّ مواطن من التحول إلى صحفي أو مؤثر اجتماعي أو سياسي.

وبما أن الجمهور يتميّز بدرجات وعي مختلفة وقدرات متباينة على التفريق بين الخبر الصحيح والكاذب. أصبح من المهم توجيه المتفاعلين عن كيفية التحقق من الأخبار أو المعلومات أو الصور التي تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن بين الأمور التي من الضروري التحقق منها:

صاحب الحساب، وصورته الشخصية، ومعلوماته.هل يرتبط بمنظمة أو مؤسسة معينة؟ هل الحساب الذي نشر الخبر جديد على وسائل التواصل أم أنه موجود منذ فترة؟ وإذا كان موجودا فما طبيعة الأخبار التي ينشرها في العادة؟

تاريخ وموقع نشر التغريدة/ المنشور.

الصورة / الفيديو في التغريدة أو المنشور؛ للتأكد من صحة صورة معينة يستطيع الشخص حفظ الصورة ومن ثم تحميلها على أداة للبحث الآلي المخصص بالصور على موقع جوجل ورؤية كل الأخبار المتعلقة بالصورة.

التفاعل مع التغريدة/ المنشور ونوع التعليقات، حيث علينا التنبه إلى الجيوش الإلكترونية والتي تعمل على زيادة التفاعل الوهمي.

انتشار الوسم وتفاعل الحسابات معه على تويتر.

أسلوب الكتابة والأخطاء الإملائية والنحوية.

مصادر الخبر، فنشره في أكثر من موضع يمنحك إشارة بصحته. ومن المفيد دائمًا مراجعة الأنباء المشكوك في صحتها بمصدرين إضافيين.

التزييف العميق والحسابات الآلية

صحيح أن برمجيات الذكاء الإصطناعي تتطور في مجال كشف الأخبار الكاذبة، لكنها وفي الوقت نفسه تتطور في مجال إنشاء تلك الأخبار الكاذبة. هذا النوع من البرمجيات ليس فقط قادرا على إنتاج أخبار مزيفة ومضللة، بل إن بعضها لديه القدرة أيضا على إنتاج فيديوهات كاذبة أو صور ثابتة مفبركة بطريقة محترفة جداً بتقنية جديدة يطلق عليها إسم ” deep fake ” أو “الوهم العميق”، وهي تمكن مستخدمها -مثلا- من وضع وجه شخص على جسد شخص آخر وإنتاج دليل كاذب بالصورة؛ بل وبالصوت أيضًا.

مثال آخر على مخاطر التكنولوجيا في توسيع دائرة التضليل، تحدث في وسائل التواصل الاجتماعي عبر الحسابات الآلية المزيفة المعروفة بالذباب الإلكتروني. فعلى سبيل المثال، في أي وقت تقوم فيه بتسجيل الدخول إلى Twitter وتلقي نظرة على منشور شائع ، من المحتمل أن تجد حسابات آلية ((Bot accounts تعجب بها أو تعلق عليها. ومن خلال النقر يمكنك رؤية أنهم قاموا بالتغريد عدة مرات، غالبًا في فترة زمنية قصيرة. كما يحصل أن تروّج منشوراتهم رسائل غير مرغوب فيها أو تنشر فيروسات رقمية. في كثير من الأوقات يكون محتوى هذه المنشورات مزيفًا وقد ينتشر كما النار على الهشيم بسبب هذه الخوارزميات.

الذكاء الاصطناعي لمحاربة التضليل

بسبب اتساع هامش المعلومات والأخبار على الإنترنت بشكل لا يمكن للإنسان وحده إحصاءه،  أصبح الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على وجه التحديد جزءً أساسيًا من معركة محاربة التضليل والتزييف.

فمع أدوات الذكاء الاصطناعي ، زادت فرصة تنبيه الجمهور حول أفظع الأكاذيب التي تسمم الويب. لذا فإن وجودها أمر ضروري  لتقديم الحقيقة  في عصر الإنترنت المتطور باستمرار.

قد تساعد الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي في حماية الفصول الدراسية والشركات والحكومات والأفراد من المعلومات التي قد تكون ضارة. إذ يعتبر الكثيرون أن قدرة الذكاء الاصطناعي على مكافحة الأخبار المزيفة وغيرها من أشكال المعلومات الخاطئة تمثّل أفضل الموارد المتاحة، لأنها ببساطة قدرات لا يستخدمها البشر.

ونظرًا إلى حجم المحتوى الرقمي الذي يتم إنشاؤه كل يوم ، فمشكلة الأخبار المزيفة تعتبر غاية في الأهمية. ولحسن الحظ ، تنامت اليوم، وبشكل متزايد تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) للمساعدة في اكتشاف تلك الأخبار ومكافحتها. نذكر منها:

The Factual

يوفر تطبيقًا وموقعًا إلكترونيًا للمستخدمين الذين يرغبون في معرفة مصداقية قصص معينة. يتم تشغيل The Factual بواسطة خوارزمية تقيّم مصداقية أكثر من 10000 قصة إخبارية كل يوم. وتشمل العوامل التي تضعها في الاعتبار محفوظات مصادر الموقع ، وسجل المؤلف ، وتنوع المصادر في مقال إخباري.

تقوم إضافة Factual لمتصفح Chrome بتقييم المواقع الإخبارية كما تشاهدها. أما موقع Factual الإلكتروني فيسلط الضوء على المقالات الأكثر مصداقية حول موضوعات محددة.

Logically

تطبيق مجاني للجوال وملحق متصفح. يوفر خدمات التحقق من الحقائق والصور. يستخدم الذكاء الاصطناعي كجزء من ميزة مساعد البحث الآلي الخاصة به. كما يعتمد على مدققي الحقائق لمساعدة أولئك الذين يستخدمون الخدمة.

صُمم الذكاء الاصطناعي الخاص به لتحليل الإدعاءات والآراء والأحداث. يراقب أكثر من مليون نطاق ويب ومنصات وسائط اجتماعية في الوقت الفعلي وذلك عبر استخدام المعلومات التي يجمعها لتقييم صحة الأخبار على الويب.

Full Fact

هي شركة إعلامية تقدم العديد من أدوات التحقق، بما في ذلك تلك التي تتم آليًا من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي. وقد فازت في مسابقة Google AI Impact Challenge لعام 2019.

تقوم ببناء أدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدة مدققي الحقائق على فهم المعلومات الأكثر أهمية والجديرة بالتحقق. وتهدف أيضًا إلى تصميم خوارزمية يمكنها تحديد متى يكرر شخص ما عن قصد شيئًا يعرف أنه خاطئ.

Fabula AI

استحوذت عليها Twitter في عام 2019. وهي شركة ناشئة تركز على التعلم العميق، إذ تركز خوارزمياتها على الأنماط الفريدة لكيفية انتشار المعلومات المضللة على الإنترنت بدلاً من كيفية انتشار القصص الأكثر واقعية.

Grover

هو نموذج للذكاء الاصطناعي للكشف عن الأخبار الزائفة، أنتجه باحثون في جامعة واشنطن. أثبت Grover قدرته على إنشاء محتوى مزيف، مما يجعله فعالًا في اكتشاف المعلومات المضللة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي.

Sensity AI

Sensity AI هي أداة لاكتشاف حدود جديدة نسبيًا في المعلومات المزيفة: وهو التزييف العميق. فعلى عكس المعلومات المكتوبة ، قد يكون من الصعب على العين غير المدربة تحديد ما إذا كانت تقنية التزييف العميق ، في الواقع ، مزيفة أكثر من كونها صورًا أو مقاطع فيديو شرعية.

يقوم الذكاء الاصطناعي بتقييم واكتشاف شدة “التهديدات المرئية”. وتجمع تطبيقات الكشف الخاصة بها بين الأدلة الجنائية للفيديو ورؤية الكمبيوتر لتحديد ما إذا كانت الصور الثابتة أو مقاطع الفيديو  حقيقية أو مزيفة.

ClaimBuster

أداة عبر الإنترنت للتحقق الفوري من الحقائق. باستخدام Google Fact-Check Explorer API ، تتيح ClaimBuster للمستخدمين التحقق من صحة نصوصهم. حيث يجمع نتائج بحث مشابهة لادعائهم المكتوب جنبًا إلى جنب مع تحديد حقيقة الزيف النسبية لهذه العبارات.

Adverif.ai

هي خدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن الإعلانات المزيفة و “المحتوى غير المناسب”. يقرن Adverif.ai خوارزمية FakeRank الخاصة به مع المراجعين البشريين لتحديد وإخطار المستخدمين بالمحتوى الذي يحتمل أن يكون ضارًا.

Alto Analytics

يستخدم Alto Analytics الذكاء الاصطناعي لتقديم رؤى قابلة للتنفيذ حول المعلومات المضللة والتزييف العميق. أداة Alto Analyzer هي برنامج ذكاء اصطناعي يسمح للمستخدمين بتخطيط وتجميع المحادثات الرقمية حول مواضيع محددة.

يمكنه تحليل المحادثات عبر الإنترنت بأكثر من 50 لغة ، مما يتيح للمستخدم فهم أفضل للمكان الذي يستهدف إعلاناته أو اتصالاته ، أو لاتخاذ قرارات إستراتيجية أخرى. تستخدم أدوات أخرى مثل Alto Insights التعلم الآلي لتقديم تقارير بيانات مرئية.

Blackbird AI

تصنف Blackbird AI نفسها على أنها “كاشفة الخداع في عصر المعلومات”. باستخدام خوارزميات وأدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي ، يكتشف Blackbird AI المحادثات التي تحمل علامات منبهة “للصراع العدائي”. تستهدف الحكومات ومنصات التواصل الاجتماعي ومؤسسات الشركات وشركات العلاقات العامة والمؤسسات الإعلامية.

3 4 votes
Article Rating

Related posts

جامعة دبي ومؤسسة “AIJRF” يُطلقان مؤشر (AIU) للذكاء الاصطناعي في الجامعات العربية:

الدبلوم المهني: صحافة الذكاء الاصطناعي وإعلام الميتافيرس وترسيخ ثقافة الذكاء الاصطناعي عربيا

برنامج الزمالة المهنية المبكرة يفتح باب التميز في عالم الإنترنت

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments