هل يمكن أن تنتصر تقنيات الذكاء الاصطناعي على فيروس كورونا؟

بقلم: د. محمد عبد الظاهر

عندما يعجز البشر في مواجهة أي من تحديات المستقبل، سريعًا ما يبحثون في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وما تستطيع أن تقدمه تقنيات الذكاء الاصطناعي كعاملٍ مساعدٍ أو رئيسيٍ في تقديم الحلول لبعض المشكلات التي تواجه الإنسانية.

يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن العديد من الأمراض ومنها السرطان، حيث نجح علماء مُسبقُا في استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بظهور وتطور الإصابة بمرض السرطان، وهو ما قد يساعد الأطباء مستقبلا في الوصول إلى طرق علاجية تحقق القدر الأكبر من الفاعلية مع المرضى. وطور فريق بحثي مشترك، ترأسه باحثون من معهد أبحاث السرطان في لندن وجامعة أدنبره، أسلوبًا جديدًا أطلقوا عليه اسم ” Revolver” أو “التطور المتكرر للسرطان”، واعتمد ذلك على دراسة التحول في الحامض النووي بالأورام السرطانية، واستخدام المعلومات المتاحة في توقع التغيرات الوراثية المحتملة.

وأشار الباحثون إلى أن التغير المستمر للأورام السرطانية يعد من أكبر التحديات التي واجهتهم في علاج السرطان، إذ غالبا ما تطور الأورام من قدراتها على مقاومة الأدوية. ونشرت نتائج الدراسة في دورية “نايتشر ميثودز” ( Nature Methods) العلمية. (وفقا لبي بي سي).

حيث طور معدو الدراسة أسلوبًا جديدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي ينقل معلومات عن أنماط الأورام بين المرضى الذين يعانون من نفس النوع من الورم. ومن خلال تحديد الأنماط المتكررة ومقارنتها مع المعلومات المتاحة عن تطور السرطان، قد يمكن للعلماء توقع الطريق التي يتطور بها الورم في المستقبل.

منذ ظهور فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد 19) في ديسمبر الماضي في الصين، وينكب العلماء على إيجاد طرق مبتكرة للكشف ، وهنا يأتي دور الثورة الصناعية الرابعة لخدمة الإنسان، وكيف يمكن تسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من منصات للبيانات المفتوحة، أو تحليل البيانات الضخمة، أو صحافة الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، أو تقنيات التعليم الآلي في مواجهة مثل هذا الوباء.

تقنيات الذكاء الاصطناعي

وفقا لمنظمة الصحة العالمية يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بصورة كبيرة في التصدي للأوبئة المنتشرة والأمراض الخطيرة، حيث بدأت بالفعل التقنيات الرقمية والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي (AI) إحداث ثورة في مجالات الطب والبحوث والصحة العامة. في الوقت الذي يبشر فيه هذا المجال بالتطورات السريعة، فإنه يثير مخاوف أخلاقية وقانونية واجتماعية، على سبيل المثال: فيما يتعلق بالوصول العادل والخصوصية والاستخدامات المناسبة وبيانات المستخدمين والمسؤولية والتحيز.

وتم تطبيق الأدوات والأساليب والتقنيات المستخدمة في “البيانات الضخمة” وتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لتحسين الخدمات والنظم الصحية حول العالم. حيث أثرت تقنيات تحليل البيانات في طرق إدارة الأوبئة والأمراض، وبالتالي إنقاذ ملايين البشر، واعتمدت منظمة الصحة العالمية على تحليل البيانات الضخمة في استعراضهم لفيروس كورونا.

وفقًا لبيان صحفي، طور علماء كلية الطب بجامعة هارفارد العام الماضي نظامًا للفحص بالذكاء الاصطناعي، ويمكنه تحديد نقص التماثل المتشابه، وهو عيب وراثي يسبب السرطان غالبًا ما يتم اكتشافه. إذا تم دمجه في الاستخدام الواسع النطاق، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي توسيع خيارات العلاج لمرضى السرطان الذين يعانون من نقص الموارد البشرية.

تقنية التعلم الآلي

ومنذ الشهر الماضي، تقود كلية هارفارد الطبية جهودًا لإيجاد حلول لفيروس كورونا من خلال استخدام تقنية التعلم الآلي لمراجعة البيانات والمعلومات من مختلف المصادر، بما في ذلك سجلات المرضى ووسائل التواصل الاجتماعي وبيانات الصحة العامة. نتيجة لأداة معالجة اللغة الطبيعية، يمكن للباحثين في كلية الطب بجامعة هارفارد البحث في المعلومات عبر الإنترنت حول فيروس كورونا وفهم الموقع الحالي للمرض.

وفي الصين أطلقت شركة علي بابا العملاقة للتكنولوجيا نظاما للذكاء الاصطناعي يستطيع تمييز المارة المصابين بالحمى أو بدون كمامة وجهة، في خطوة للمساعدة في السيطرة على فيروس كورونا الجديد خلال موسم ذروة السفر. ويعتمد نظام الذكاء الاصطناعي على التقنيات المتكاملة، بما في ذلك التصوير الحراري لكشف الحمى عن بُعد دون الاتصال، بهامش خطأ خلال 0.3 درجة مئوية. وبمجرد أن يمر راكب يشتبه في إصابته بالحمى، سيقوم النظام تلقائيًا بتنبيه الموظفين وتحديد موقع الراكب بسرعة. (شينخوا).

الطباعة ثلاثية الأبعاد

مؤخرا قامت إحدى شركات التكنولوجيا في مقاطعة شنغهاي الصينية، بطباعة غرف العزل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتم شحن الغرف إلى مستشفى مدينة شيانينغ المركزي بهوبي لحل الاحتياجات الملحة. وفق صحيفة الشعب الصينية.

وتبلغ مساحة غرفة العزل المطبوع حوالي 10 أمتار مربعة وارتفاعها 2.8 متر، حيث يستخدم هيكل قذيفة ليجعلها مقاومة للرياح والزلازل، كما يمكنه الحفاظ على الحرارة. ويمكن إكمال طباعة عشرات مثل هذه الغرف خلال 24 ساعة.

صحافة الذكاء الاصطناعي

كيف يمكن لأدوات صحافة الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الصحفية الكبرى تتبع الأخبار بصورة أكثر دقة، ونشر الوعي الكاف بمخاطر المرض، الأعراض، نسبة الانتشار، بعيدًا عن الشائعات التي تزيد من حدة القلق بين الناس، وإن يكون هناك قناة واحدة، أو مصدر معلومات موثوق في نشر كافة التفاصيل عن هذا المرض، ومخاطره.

يمكن استخدام تحليل البيانات الضخمة في التعرف على كافة المعلومات والبيانات الخاصة بالمرضي، الأقارب، أماكن الزيارة قبل شهر من الإصابة، كل شخص تم التعامل معه من قبل المريض. كل تلك المعلومات قد تحد من انتشار الفيروس وخاصة في الدول المكتظة بالسكان. وكذلك تحليل البيانات الضخمة قد يساعد في التعرف على التاريخ الصحي للمريض، ومدى مقاومته الصحية، هل يمكن أن يتطور الأمر لأبعد من الإصابة بالمرض، ومدى استجابة المريض للعلاج.

منصات البيانات المفتوحة – كأحد أهم مصادر لأدوات صحافة الذكاء الاصطناعي- يمكن الاعتماد عليها في سهولة نقل المعلومات من قبل وسائل الإعلام والحكومة، حيث مشاركة الأخبار والقصص حول أي مرض أو وباء عالمي، وخاصة كورونا.

5 1 vote
Article Rating

Related posts

بدعم من منظمة اليونيسف لتعزيز صناعة القصة الحكومية: التضامن الاجتماعي تُطلق أول منظومة إعلامية حكومية تُدار بالكامل بالذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية

مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي تُعلن عن برنامج متخصص للمنح الدراسية

مؤسسة ” AIJRF” تطلق الدبلوم المهني المُتقدم : صناعة المحتوى وتقنيات الذكاء الاصطناعي ( AITC Diploma)

Subscribe
نبّهني عن
1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments