دكتور/ محمد عبد الظاهر ( أكاديمي ورائد صحافة الذكاء الاصطناعي)
هل أثرت جائحة كوفيد-19: على إعادة ترتيب قائمة أثرياء العالم؟
شهدت العديد من القطاعات الاقتصادية حول العالم تغيرات كبيرة، في ظل تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19)، والتي أثرت إيجابيًا على نمو العديد من الصناعات والحلول التكنولوجية، وفي الوقت ذاته ضربت العديد من القطاعات الأخرى، وساهمت في هبوط أسهم العديد من الشركات وخسائر بمليارات الدولارات في أقل من أربعة أشهر.
ولعب انتشار فيروس كوفيد-19 دورًا مهمًا في مسألة إعادة توزيع الثروات لدى الأفراد والمؤسسات
فرفعت أسماء أثرياء في أعلى القائمة، ووضعت أسماء أخرين في ذيل القائمة.
فقد انتعشت شركات الخدمات التقنية وجاءت في مقدمة الرابحين، وأصبح المؤسسون وكبار مُلاك الأسهم فيها أكثر ثراءً
بما حققوه من مكاسب طوال فترة الجائحة
وفي الوقت ذاته تراجعت الشركات والمؤسسون في قطاعات: مثل الطيران والضيافة والعقارات إلى أسفل القائمة العالمية للأثرياء.
كذلك ساهمت جائحة كورونا في نمو اقتصادات بعض الدول، وفي تراجع البعض الآخر
كما ضاعفت ثروات أصحاب المليارات في جميع أنحاء العالم
بل وساهمت في تحقيق مكاسب هائلة لبعض الشخصيات على غرار جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون
وإيلون مسك المدير التنفيذي لشركة تيلسا وسباسيكس وذي بورنج كومباني ومارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك
بينما تراجعت شركات وأشخاص آخرون إلى أسفل القائمة
لقد أدى انتشار فيروس كوفيد-19 إلى إحداث فجوة مالية هائلة بين أصحاب المليارات والشركات وحتى بين البلدان أيضًا.
جيف بيزوس يتصدر القائمة
يوم الاثنين الماضي ارتفعت قيمة سهم شركة “أمازون” وتجاوز السهم مستوى 3000 دولار بنسبة 80% من أدنى مستوى له في مارس الماضي، مسجلًا بذلك أعلى مستوى في تاريخه، وأنهى تعاملاته على زيادة نسبتها 5.77% عند 3057.04 دولار، وقد يواصل السهم ارتفاعه لأكثر من 3500 دولار حتى تعاملات الأسبوع القادم. لتنضم بذلك “أمازون” إلى أكبر شركات التقنية الأمريكية مثل آبل ومايكروسوفت بل وتتجاوز ذلك المستوى.
لقد ساعدت جائحة فيروس كورونا جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون ومديرها التنفيذي على أن يكون على رأس قائمة أصحاب المليارات
حيث شهد هذا الشهر نمو ثروته لتصبح 171.6 مليار دولار.
وأصبحت منتجات شركة أمازون، بسبب جائحة كورونا، واحدة من أكثر المنتجات المطلوبة في العالم، حيث تستمر في توفير البقالة والمعدات التقنية ووسائل الترفيه والعناصر الضرورية للأشخاص دون الحاجة للخروج من منازلهم
ونظرًا لزيادة الطلب على خدماتها، لم تجد الشركة سبيلًا سوى توظيف 175,000 عامل إضافي لمواكبة الطلب المتزايد.
تجاوزت القيمة الصافية لثروة بيزوس ذروتها السابقة عند 167.7 مليار دولار في سبتمبر/أيلول 2018، وفقًا لمؤشر بلومبرج لأصحاب المليارات
وأفادت الوكالة إن مكاسبه بلغت 56.7 مليار دولار هذا العام وحده، وارتفعت أسهم متاجر التجزئة التي تتخذ من سياتل مقرًا لها بنسبة 4.4٪ إلى مستوى قياسي بإجمالي 2,878.70 مليار دولار (الأربعاء 3 يوليو 2020)، الأمر الذي رفع ثروته بما لا يقل عن 56.7 مليار دولار، حسبما ذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية.
الحلول الذكية وأصحاب المليارات
مع انتشار فيروس كورونا، أصبح العالم يعتمد على العديد من الأدوات والحلول التقنية والذكاء الاصطناعي في قطاعات مختلفة من التعليم والرعاية الصحية والمختبرات والمشافي ومراكز التسوق، وحتى مراقبة الشوارع والمطارات والمدن أثناء ساعات الحظر.
أدت صناعة أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا إلى ظهور أثرياء جدد ممن حققوا مكاسب مالية ضخمة، مثل شركة تيلسا؛ فمنذ الأول من يناير، أضاف ايلون مسك- المدير التنفيذي لشركة ” تيلسا ” 25.8 مليار دولار إلى صافي ثروته.
بلغ صافي ثروة ايلون مسك في مارس حوالي 24.6 مليار دولار أمريكي، وُقدرت بنحو 38.2 مليار دولار في الرابع من يونيو الذي شهد زيادة ثروته لتصبح 46.3 مليار دولار؛ حيث قفزت ثروته بنسبة تفوق 53٪ في غضون 3 شهور من تاريخ ظهور جائحة كورونا.
وفي السياق ذاته، شهد الأسبوع الماضي تراجع صافي قيمة ثروة مارك زوكربيرج، المدير التنفيذي لشركة فيسبوك بنحو 10 مليارات دولار في أسبوع واحد فقط، بعد أن أوقفت شركة كوكاكولا- وشركة ستاربكس وغيرها من العلامات التجارية الكبرى حملاتهم الترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا وقد بلغت ثروة زوكربيرج في مارس الماضي 54.7 مليار دولار، والتي قفزت إلى 82.3 مليار دولار في الشهر الماضي، وارتفعت أسهم فيسبوك بنسبة 25 في المائة خلال الشهر الماضي، مما رفع ثروة زوكربيرج بمقدار 13.4 مليار دولار.
واحتل موكيش دهيروبهاي أمباني، رئيس مجلس إدارة شركة الطاقة الهندية “ريليانس اندستريز ال تي دي” المرتبة الحادية عشر ضمن أصحاب المليارات في العالم
حيث تجاوز صافي ثروته الفعلية 60 مليار دولار الشهر الماضي
بعد أن أصبحت الشركة أول شركة هندية برأس مال يصل إلى 150 مليار دولار
وكان صافي ثروة موكيش أمباني 36.8 مليار دولار في الثامن عشر من مارس.
أبرز الخاسرين
أدى انتشار فيروس كورونا إلى تأثر العديد من القطاعات الاقتصادية بشكل سلبي
مما يعني تأثيرًا سلبيًا على القيمة السوقية للعديد من أسهم الشركات العالمية
الأمر الذي ينعكس بدوره على ثروة المساهمين الرئيسيين في تلك الشركات
لقد انخفضت ثروة برنار أرنو، المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة “ال في أم اتش” المدرجة في باريس وثالث أغنى شخص في العالم، بنحو 6 مليارات دولار
أو ما يعادل 6٪ في مارس الماضي مع انتشار جائحة كوفيد-19 عالميًا
كما انخفضت ثروة أمانسيو أورتيغا، المؤسس والرئيس السابق لمجلس إدارة سلسلة محلات زارا للأزياء بقيمة 19.2 مليار دولار
وسجلت ثروة رئيس مجلس إدارة شركة هاثاواي إنك، وارن بافيت تراجعًا بقيمة 19 مليار دولار
كما تراجعت مبيعات السلع الفاخرة للملياردير الفرنسي برنار أرنو بمقدار 17.6 مليار دولار
وقد تم تجاوز مسألة تراجع الثروة بشكل كبير
وبحسب بلومبرج، فإن أغنى 500 شخص في العالم يبلغ صافي ثرواتهم الآن 5.93 تريليون دولار
مقارنة بمبلغ 5.91 تريليون دولار في بداية العام
وفي النهاية في حال استمرار الجائحة على ما هو عليه الآن
قد نشهد اختفاء أسماء العديد من أثرياء العالم في القطاعات التي تأثرت بتلك الجائحة
وبروز أسماء جديدة تعلو القائمة، كأكبر المستفيدين في عالم ما بعد كوفيد-19..